أموال يمن

متخصص بعالم المال والأعمال

دراسات

أثر غسل الاموال وتمويل الارهاب على الاقتصاد الوطني

أثر غسل الاموال وتمويل الارهاب على الاقتصاد الوطني

تعد جريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب من القضايا الهامة التى تتطلب مواصلة الجهود لمكافحتها كونها تهدد الاقتصادات الوطنية للأوطان -لاسيما -في ظل ثورة تكنولوجيا المصارف وفي هذا الملف تغطية شاملة لهذه الجريمة توضح ماهيتها وأثارهاوالجهود المبذولة لمكافحتها على المستويين المحلي والدولي.

إعداد/أموال يمن

جريمة غسل الأموال فرضت ظلالها على المجتمع الدولي بقوة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ، حيث تزايد الاهتمام الدولي لمنع الجماعات الإرهابية من استخدام النظام المالي العالمي لاسيما أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تتسم بأساليب معقده . وقد أصبحت هذه الجريمة محط اهتمامات دوليه خاصة عندما بلغت حجم أموالها تقدر سنويا 3 تريليون دولار أمريكي وما يعادل 8 % من حجم التجارة الدولية ، و5% من حجم الناتج العالمي ، وبلغ حجم الأموال المغسولة  يحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد تداول العملات وصناعة السيارات .

ان واجب المؤسسات المالية هو الالتزام بتوفير الأنظمة المتكاملة التي تكفل الوفاء بتطبيق المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعدم التهاون مع المقصرين في اتخاذ تلك التدابر والإجراءات لمنع هذه الجريمة والإبلاغ عن حالات الاشتباه . 

تعريف غسل الأموال :

 « يُعرَّف غسل الأموال بأنه عمليةٌ يلجأُ إليها من يعمل بتجارة المخدرات والجريمة المنظمة أو غير المنظمة؛ لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع، والقيام بأعمالٍ أخرى للتمويه؛ كي يتمَّ إضفاء الشرعية على الدخل الذي يُحقَّق »

او بصورة مختصرة :« مجموع العمليات المتداخلة لإخفاء المصدر غير المشروع للأموال وإظهارها في صورة أموال متحصله من مصدرٍ مشروع، أو إخفاء وتمويه الطبيعة الحقيقية للأموال المكتسَبة من الأنشطة المحظورة أو مصدرها أو ملكيتها في محاولةٍ لتغيير صورة الأموال غير المشروعة، لتكون أموالاً تبدو في صورةٍ مشروعة »

 كما عرفها مؤتمر لندن إنها مجموعة من العمليات المالية المتداخلة لإخفاء المصادر غير المشروعة للأموال ، أي إخفاء مصادر الأموال القذرة وإظهارها في صورة أموال محصلة من مصادر مشروعة ، وتجري عملية ضخ هذه الأموال القذرة (بعد غسلها أو تبييضها) مع عوائدها إلى الاقتصاد العالمي وكأنها أموال طبيعية (الجميلي ، 2001، 69) .

 

ولقد عرف الاتحاد الأوربي في سنة 1990 مصطلح غسل الأموال بأنه : ” تحويل أو نقل الملكية (The Conversion or transfer of property) مع العلم بمصادرها الإجرامية الخطيرة لأغراض التستر وإخفاء الأصل غير القانوني لها ، أو لمساعدة أي شخص يرتكب مثل هذه الأعمال” (القادر ، 2002، 3) .

وكما يرى البعض أن هذه العملية ترتبط إلى حد كبير بأنشطة غير مشروعة عادة ما تكون هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي ، ثم تحاول العودة مرة أخرى بصفة شرعية معترف بها من قبل القوانين نفسها التي كانت تجرمها (تعتبرها جريمة) وداخل الحدود الإقليمية التي تسري عليها هذه القوانين (التمي، 2002 ،3).

كما تعني الأموال المشبوهة وجود جرائم محتملة أو مخالفات للقوانين يعاقب عليها القانون، وبذلك فإن دور المحاسب القانوني التقرير عن الأموال المشبوهة وليس التحقيق فيها وتأكيدها وهي المهمة التي تقع ضمن اختصاص السلطات الأمنية والقضائية في الدولة (نشرة المجمع العربي للمحاسبين القانونيين 2004، 1).

            كما ان الأموال القذرة هي الأموال التي تنشأ من مباشرة أنشطة غير مشروعة يحرمها القانون، وكذلك تعرف الأموال القذرة (بأنها الأموال غير المشروعة الناتجة عن معاملات لأنشطة غير قانونية يطلق عليها الاستثمار الأسود). والأنشطة التي تمثل مصادر الأموال القذرة تشمل تجارة المخدرات والسلاح والرشوة والدعارة واستغلال الوظائف العامة للحصول على ثروات أو منافع خاصة والعمولات والاتجار في الأسواق السوداء فيما هو ممنوع وسرقة أموال الدولة والتهرب الضريبي وتهريب السلع والنقد وتجارة الأغذية الفاسدة وسرقة الاختراعات والآثار والمضاربات في الأراضي والعقارات وفي البورصة وتزييف النقود وتزوير الصكوك المصرفية وغيرها (عبدالفضيل، 1999، 7).

 

العناصر الأساسية  لجريمة غسل الاموال :

 

1-   الغاسل :  هو الشخص أو المؤسسة التي تحوز و تملك أموالا غير مشروعة و تسعى إلى غسلها.

2-    الغسول : هو المؤسسة أو البنك الذي يقوم بالإجراءات المخالفة للقانون و يلحق بهم فئات السماسرة و العملاء الوسطاء و المساعدون.

3-    المغسول : هو عبارة عن الأموال و المتحصلات و غيرها،وغسل الاموال وتبيضها مصطلحان مترادفان.

 

خصائص عمليات غسل الأموال:

توجد العديد من الخصائص التي تميز عمليات غسل الأموال عن غيرها من الأنشطة المالية الأخرى، فمنها الاقتصادية و الاجتماعية و كذا المصرفية و التي تؤثر على طبيعة تحركاتها و أهدافها، ومن أهم هذه الخصائص نذكر ما يلي

1.     إن عمليات غسل الأموال تعد أنشطة مكملة لأنشطة رئيسية سابقة أسفرت عن  تحصيل كمية من الأموال غير المشروعة غالبا، أي الأموال القذرة الناتجة عن أنشطة الاقتصاد الخفي، التي تمثل ما بين 30 إلى 50 % من هذا الاقتصاد  الخفي الذي يوجد في معظم دول العالم بنسب مختلفة.

2.     تتسم عمليات غسل الأموال بسرعة الانتشار الجغرافي.

3.     تتواكب عمليات غسل الأموال مع الثورة التكنولوجية و المعلوماتية، حيت تشهد تلك العمليات تطورا كبيرا في تكتيكها، و كذا بالتطور في وسائل التكنولوجية التي تستخدم في نقل الأموال و تحويلها عبر الحدود.

4.     ترتبط عمليات غسل الأموال بعلاقة طردية بعمليات التحرير الاقتصادي و المالي.

5.     إن عمليات غسل الأموال تتم من خلال خبراء متخصصين على علم تام بقواعد الرقابة و الإشراف في الدول و ما يوجد بها من ثغرات يمكن النفاذ منها، و على علم بفرص و مجالات الاستثمار و التوظيف و الأصول التي توفر الأمان لهذه الأموال.

6.     عملية غسل الأموال تساعد على زيادة معدل الجريمة المنظمة محليا و دوليا.

7.     ظاهرة غسل الأموال تعود بالفائدة على الدولة المستقبلة للأموال المهربة، قصد تبييضها و تقنينها و إعادة صفها من جديد في الاقتصاد الوطني.

8.     يمكن اعتبار المصرف مجرد مستودع للأموال القذرة، بل قد يصل الأمر إلى قيام المصرف باستثمار هذه الأموال في شتى المجالات و تمويل العديد من الأنشطة.

9.     عملية غسل الأموال عملية مصرفية لما للمصارف من دور استراتيجي في هذه العمليات، حيث تتكاثر عمليات غسل الأموال في المؤسسات المالية و المصرفية لما لها من جو الكتمان و السرية المفروضة عليها بينها و بين متعامليها.

 

أسباب ظهور غسل الأموال:

تندرج ظاهرة غسل الأموال في إطار ما يعرف بالجريمة الاقتصادية والمالية، ومن ثم فإن الدوافع الرئيسية التي تكمن وراء هذه العمليات تتمثل في البحث عن مأوى أو ملجأ بقصد تطهيرها والإفلات من المطاردة القانونية، وتتمثل أهم هذه الأسباب فيما يلي:

: أسباب اقتصادية:

 يكمن إنجازها فيما يلي:

1.     ارتفاع معدلات الضرائب والرسوم الأنشطة الاقتصادية: يحاول البعض التهرب من هذا العبء الضريبي وخاصة إذا ساد المجتمع شعور بأن حصيلة الضرائب لا تنفق في المنافع العامة، ولا توجه إلى الاستثمارات خدمات سليمة، أو أنه لا توجد عدالة في توزيع الدخل الوطني بشكل عام ،وبعد التهرب الضريبي والتوسع في القروض بدون ضمانات التي تخفي وراءها الفساد والرشوة من أهم الأسباب والمصادر التي تؤدي إلى زيادة حجم عمليات غسل الأموال، وتنتشر جريمة التهرب الضريبي بشكل واضح في الدول النامية كما أنها توجد في الدول المتقدمة 

2.     التجـارة في المحرمات: وعلى رأسها التجارة في المخدرات التي تشكل أكبر مصدر للدخول غير المشروعة بشكل عام، وكذلك تحقق أندية القمار دخلا هائلا لمن يعمل بها، ثم هناك تجارة الأسلحة التي تتم بمليارات الدولارات على مستوى العالم،ويأتي على رأس ذلك الفساد.

3.     المنافسة ما بين البنوك: يحدث التسابق لجذب المزيد من الأموال واكتساب العملاء، وزيادة معدلات الأرباح من خلال فوارق أسعار الفائدة الدائنة، كذلك الصرف الأجنبي، وكل ما يرتبط بالعولمة والمنافسة غير الشريفة بين البنوك كما حدث في بنك آل خليفة في الجزائر عام 2003 وغيرها.

4.     زيادة الاتجاه نحو التحرر المالي والاقتصادي: من خلال الالتزامات الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية وتحرر تجارة الخدمات البنكية  المالية على وجه الخصوص، مما يفسح المجال أمام التحركات الرأسمالية بقصد غسل الأموال في الداخل والخارج، حتى تسعى معظم الدول إلى جذب الاستثمارات الأجنبية  وتحرر الأسواق المالية لإحداث المزيد من الانتعاش والنمو الاقتصادي بغض النظر عن مخاطرة تزايد عمليات غسل الأموال.

: أسبـاب غير اقتصـاديــة:

وتتمثل في العناصر التالية :

1.     الفساد الإداري والسياسي: حيث يقوم البعض من المسؤولين في مختلف بلاد العالم باستغلال سلطانهم في  الحصول على رشاوي وعمولات مقابل تمرير صفقات معينة أو إعطاء تراخيص حكومية لبدء نشاط استثماري أو للحصول  على خدمات عامة مثل الكهرباء، الهاتف، والمياه وغيرها، وتلك الرشاوي والعمولات في حاجة إلى الغسل؛

2.     البحث عن الأمان واكتساب المشروعية خشية المطاردة القانونية: وهذا يمثل دافعا أساسيا لمرتكبي الأعمال الإجرامية والفساد، إذ كلما زادت المتحصلات المتولدة عنها كلما قوي السبب لغسلها بصفة وعبر الحدود بصفة خاصة، وتشير الدراسات في هذا الصدد إلى التزايد الكبير في الأنشطة الإجرامية التي تولد دخولا ضخمة لمن يعملون فيها إنتاج المخدرات وتوزيعها، والتهريب التجاري وتجارة الأسلحة؛

3.     تعقيدات النظم الإدارية: من المعروف أنه كلما زادت التعقيدات الإدارية الحكومية، وكثرت وطالت الإجراءات والقواعد المنظمة لأي عمل، كلما زادت الدوافع لدى الأشخاص للاتفاق حولها ومخالفاتها، ودفع مقابل لتذليلها، كما أن الحواجز المانعة تؤدي بالعديد من الأفراد إلى البحث عن ثغرات للتحاليل عن هذه القيود؛

4.     اختلاف وتباين التشريعات وقواعد الإشراف والرقابة: وذلك بين الدول المختلفة، مما يفتح المجال لوجود بعض الثغرات التي تستطيع أن تنفذ منها هذه الأموال، خاصة وأن عملية غسل الأموال تتم من خلال خبراء متخصصين على علم تام بقواعد الرقابة والإشراف في الدول، وما يوجد لها من ثغرات يمكن النفاد منها؛

5.     تواطؤ وتردد بعض الدول النامية في وضع التشريعيات والضوابط: وذلك خوفا من أن يكون ذلك متعارضا مع اتجاه الاقتصاديات الرئيسية في العالم وكذلك المؤسسات المالية العالمية نحو تحرر تحركات رأس المال في إطار ما يعرف بظاهرة العولمة المالية وعولمة الأسواق المالية، بل أكثر من هذا التسابق ما بين الدول في منح حوافز الاستثمار والضمانات من أجل جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية لاستثمار ضمانها أن ذلك كافي لتحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي بغض النظر عما إذا كانت تلك التدفقات مشروعة أو غير مشروعة.

 

مراحل ظاهرة غسل الأموال:

تمر عملية غسل الأموال بمراحل ثلاثة مرتبطة و هي مرحلة الإيداع و مرحلة التمويه و مرحلة الإدماج، و تهدف هذه المراحل فيما بينها إلى إخفاء المصدر الحقيقي للعائدات و الأموال غير المشروعة و سوف نقوم بعرضها فيما يلي:

مرحلة التوظيف و الإيداع:

 هي مرحلة إدخال المال في النظام المالي و القانوني و بمعنى آخر التخلص من الأموال القذرة و ذلك من خلال إيداعها في البنوك أو بشراء العقارات أو الذهب أو التحف النادرة أو السلع المعمرة أو حتى في شراء الأسهم و السندات و الشيكات السياحية إضافة إلى الدخول في مشاريع استثمارية داخل البلاد أو خارجها.

وقد تمر فترة طويلة بين جمع المبالغ المعدة للغسل و إدخالها في الدورة المصرفية، كما أن الأموال المراد غسلها تتجه في الغالب إلى أماكن مجهولة أكثر كالمدن الصغيرة أو المناطق التي هي بمنأى عن كل شبهة من أجل القيام بعمليات التوظيف و هذا بسبب تعزيز وسائل الرقابة والمكافحة في المراكز المالية الكبرى.

ولعل هذه المرحلة هي الأصعب بالنسبة لأصحابها كونها تتطلب أن تكون المصارف والمؤسسات المالية الطرف الأساسي فيها لذلك تعمد منظمات الإجرام إلى جعل التعرف على هوية أصحابها أمرا بالغ الصعوبة إذا لم نقل مستحيلا.

 

مرحلة التمويه:

 عندما ينجح الغاسل في وضع أمواله غير المشروعة داخل النظام المالي للدورة الاقتصادية ينتقل بذلك من مرحلة التوظيف للمرحلة الثانية وهي مرحلة التعتيم و الترقيد فيقوم بخلق عدة صفقات مالية معقدة تهدف إلى إخفاء معالم مصدر المال و إبعاده قدر الإمكان عن إمكانية تتبع حركته من أجل منع كشف منبعه غير المشروع.

أي أنها عملية نقل وتبادل المال القذر ضمن النظام الذي تم إدخاله فيه و هنا تتركز جهود غاسلي الأموال على قطع صلة المتحصلات المالية أو العائدات غير المشروعة بمصادرها وذلك عبر شبكة معقدة من الشبكات المالية الشرعية والتحويلات الغامضة والمعقدة داخليا أو خارجيا تجريها شركات نشطة في المراكز المالية الكبرى أو في بلدان ذات نظام مصرفي متساهل وذلك من خلال فتح حسابات مصرفية بأسماء أشخاص غير مشتبه بهم أو بأسماء شركات وهمية تستغل هذه الأوضاع و تستفيد منها أو بالتباطؤ مع شركات مالية تستهدف محو أي أثر جرمي لهذه المتحصلات التي دارت دورتها بحيث أصبح صعبا بعدئذ رصد حركة هذه الحسابات ومتابعة سيرها جراء ابتعادها تدريجيا عن مصدرها الأمر الذي يجعل القائمين بغسلها بمأمن عن الرقابة يوما بعد يوم  

ويستفيد غاسلوا الأموال في هذه المرحلة من التحويلات الالكترونية التي يجريها الجهاز المصرفي والتي توفر لهم مزايا تساعدهم على محو آثار الجريمة لعملياتهم كالسرعة وبعد المسافة إلى جانب الآثار المحاسبية، شبه المعلومة وكذلك القدرة على إخفاء الاسم.

مرحلة الدمج:

تمثل عملية الدمج المرحلة الأخيرة من عملية غسل الأموال وهي المرحلة الأكثر علنية من مثيلاتها بحيث تتمثل في دمج الأموال المغسولة في الدورة الاقتصادية العادية وإضفاء صفة المشروعية عليها وإكسابها المظهر القانوني السليم بحيث يصعب اكتشاف أمرها. فهذه المرحلة تؤمن الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروة ذات المصدر غير المشروع وبها توضح الأموال المبيضة مرة أخرى في الاقتصاد بطريقة يبدو معها أنه تشغيل قانوني لمال من مصدر نظيف. وهذه المرحلة تعتبر أخطر المراحل من حيث إمكانية اكتشافها من قبل الأجهزة الأمنية إذ أنه يصبح من شبه المستحيل التفريق بين الأموال المشروعة والأموال غير المشروعة كونها قد خضعت لعدة مستويات من التدوير وأحيانا على مدى عدة سنوات وبعد الانتهاء من هذه المرحلة وإضفاء المشروعية على الأموال القذرة يصبح من الصعب الكشف عنها.

 

أساليب ظاهرة غسل الأموال:

     تتعدد آليات غسل الأموال و تزداد و تتنوع باكتشاف مجالات جديدة يلجأ إليها المجرمون لإجراء عمليات غسل الأموال. و لقد كان التهريب هو أبسط و أقدم الطرق التي استخدمها غاسلوا الأموال إلى جانب طرق أخرى في وقتنا الحالي أصبح للتكنولوجيا دورا كبيرا و خطيرا في تطوير الأساليب التي تستخدم لغسل الأموال، و من أجل تقريب المفهوم أكثر عمدنا إلى تقسيم هذه التقنيات إلى تقنيات بسيطة و تقنيات حديثة لغسل الأموال و كذا المراحل التي تمر بها هذه العملية ابتداء بالإيداع و تليها مرحلة التمويه ثم بعدها الإدماج وهي آخر مرحلة.

 الأساليب البسيطة لغسل الأموال:

     تتم عملية غسل الأموال بأساليب و أشكال عديدة بسيطة بحسب ظروف  و طبيعة العملية و نجد كل من الشراء نقدا و كذلك التهريب و نقل الأموال عن طريق المؤسسات المالية غير المصرفية، شركات الواجهة، التحويل البرقي، التجارة البحرية.

أولا: الشراء نقدا:

     لقد لجأ غاسلوا الأموال إلى شراء العديد من الأموال العينية كالذهب والمجوهرات و العقارات و اللوحات النادرة كخطوة أولى ثم يقومون في مرحلة تالية ببيع ما تم شراؤه، و ذلك في مقابل الحصول على شيكات مصرفية بقيمة الأشياء المبيوعة كخطوة ثانية و في الخطوة الثالثة تستخدم هذه الشيكات المصرفية في شكل حسابات مصرفية تفتح لغاسلي الأموال في البنوك المختلفة المحسوب عليها هذه الشيكات بعدئذ، يقوم أصحاب هذه الحسابات بإجراء العديد من التحولات المصرفية عن طريق تلك البنوك المحسوب عليها الشيكات بقصد التعتيم على العمليات المشبوهة ، بل إنه زيادة في الحيطة ، و إحكاما لحلقات التمويه و قد يعمد غاسلوا الأموال بعد إيداع حصيلة بيع الأشياء العينية لدى البنوك إلى الاقتراض من بنوك أخرى بضمان هذه الإيداعات ثم استخدام مبالغ هذه القروض في شراء هذه الأسهم أو السندات أو أذونات الخزانة أو المساهمة في مشروعات وطنية أو دولية ثم تحويل الأرباح إلى مواطنهم الأصلية أو إلى أي مكان آخر.

ثانيا: التهريب:

     كان التهريب أبرز الأساليب التي يتم بها غسل الأموال إذ يقوم المتورطون في العمليات الإجرامية بتهريب المحصلات النقدية من جرائمهم بأنفسهم أو عن طريق آخرين خارج البلاد، وكان ذلك يتم بأساليب بسيطة مثل إخفاء النقود الورقية في الجيوب السرية للحقائب أو بوضعها في علب حفاظات الأطفال و من الطرق التي تؤدي إلى نقل الأموال إلى خارج البلاد إما برا أو بحرا أو جوا، بل إنه يمكن القيام بتهريب النقود بإرسالها بالبريد خارج البلاد؛

ثالثا: التجارة البحرية:

    حيث تقوم السفن البحرية التي ترفع علم دولتها أو علامات تسجيل خاصة بإخفاء أموال قذرة. تعمد إلى إدخالها إلى إحدى الدول على أنها أموال منقولة من دول أخرى بصفة تجارة مشروعة وقد تضمنت المادة 17 من اتفاقية فيينا لعام 1988 إجراءات خاصة لمنعها.

رابعا: الملاهي:

     تعد الملاهي من أهم مجالات الحصول على النقود نضرا لتعدد مجالات اللهو والتسلية التي تنشر داخل الملاهي. مع تعدد مستخدمي الألعاب. والتي عادة ما تضم أعمالا متكاملة وبصفة خاصة في المناسبات ذات الطابع الخاص بكل منطقة إدارية. سواء كانت هذه المجالات مجالات لعب القمار أو مجالات الاستمتاع بالغناء والرقص.

وأيا كانت هذه المجالات التي تضمها مدينة الملاهي فإنها مصدر جيد لتوليد تدفقات نقدية متعددة ومتنوعة. عادة ما تكون النقدية من فئات صغيرة ولكنها كبيرة الحجم والقيمة   ومن ثم يتم مزجها بالأموال التي يرغب في غسلها و إيداعها بشكل يومي في فروع البنوك المختلفة القريبة.

خامسا: شركات الواجهة:

     قد يعمد غاسلو الأموال و بالذات في العمليات الدولية الكبرى والمنضمة إلى إنشاء شركات أجنبية صورية يطلق عليها في بعض الأحيان الشركات الصورية وهذه الشركات لا تنهض بالأغراض المنصوص عليها في عقود تأسيسها أو أنظمتها الأساسية بل تقوم بالوساطة في عمليات غسل الأموال غير النظيفة و عادة ما يصعب تعقب النشاط غير المشروع لهذه الشركات و خاصة إذا كانت تقوم في ذات الوقت بجانب من العمليات المشروعة و علاوة على ذلك فإن هذه الشركات لا تخضع في بلاد كثيرة لنفس درجة الرقابة التي تخضع لها البنوك أو إجراءاتها في العمل و من صور تلك الشركات شركات السياحة و الاستيراد و التصدير، شركات التأمين شركات محلات المجوهرات الكبرى؛

سادسا: نقل الأموال عن طريق مؤسسات مالية الغير مصرفية:

     و يقصد بالمؤسسات المالية غير المصرفية تلك المؤسسات التي تشترك في عمليات تبادل النقود مثل القيام بالتحويلات البرقية للنقود أو صرف الشيكات أو بيع أوامر الدفع، أو بيع الشيكات السياحية و من أمثلة تلك المؤسسات المالية شركات الصرافة شركات سمسرة الأوراق المالية، مكاتب شركة (أمريكان إكسبريس) لبيع شيكات المسافرين و تعتبر تلك المؤسسات منفذا خطيرا لمبيضي الأموال بالنظر إلى كونها غير خاضعة لنفس الرقابة الصارمة التي تخضع لها البنوك

 

 

 

 الأساليب الحديثة لغسل الأموال:

     من خلال ما ذكرنا من الوسائل نلاحظ أن وسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت مهمة في خدمة غسل الأموال خاصة و أن هذه الوسائل جعلت عملية الكشف عن الجريمة في غاية الصعوبة و من هذه الأساليب نذكر التالية:

أولا: أجهزة الصراف الآلي:

      فقد تبين لدى السلطات الأمريكية و من خلال تقارير العمليات المشبوهة وجود استخدام متزايد لأجهزة الصراف الآلي داخل الوطن وخارجها بهدف التملص من عملية السحب والإيداع النقدي المباشر و بالتالي الاضطرار إلى تعبئة التقارير الخاصة بالعمليات النقدية و المشبوهة حيث يتم استخدام هذه الأجهزة للسحب و الإيداع المتكرر بهدف تجنب الاكتشاف من قبل السلطات الأمنية المختصة .

ثانيا: الخدمات البنكية الإلكترونية:

     يلاحظ تزايد كبير في استخدام الخدمات البنكية الإلكترونية لتنفيذ خطوات محدودة  في دورة غسل الأموال و خاصة في مرحلتي التوظيف و الدمج و تقوم البنوك التي تعرض هذه الخدمات باستخدام شبكات الانترنيت كقناة لتوصيل هذه الخدمات لعملائها وبهدف تسهيل تنفيذ و أداء العمليات المختلفة مثل تحويل الأموال و دفع الفواتير والاستفسار عن الأرصدة و تكون هذه الأنظمة لا تحتاج إلى أكثر من جهاز حاسوب و ما يسمى بخادم الحاسوب و وسيلة الاتصال  فإن هذه الخدمات الإلكترونية أصبحت تمثل صعوبة كبيرة  و خاصة في عمليات التحقق من الهوية الحقيقية للشخص الممثل للعملية المالية إضافة إلى انعدام وجود أية آثار يمكن مراجعتها و تدقيقها؛

ثالثا: التشفير و النقود الإلكترونية:

     تثير عمليات التشفير قلق العديد من السلطات الأمنية وذلك أنه سمح بظهور النقود الإلكترونية كما أتاحت تكنولوجيات التشفير لكل من البنوك و عملائها حماية معلوماتهم وعملياتهم المالية من خلال استخدام مفاتيح التشفير.

رابعا: بنوك الانترنت:

   و من أهم و أخطر الوسائل التكنولوجية الحديثة ما يعرف بنظام أو بنوك عبر الانترنيت و هي ليست في الواقع بنوك بالمعنى الفني الشائع و المألوف إذ هي لا تقوم بقبول الودائع مثلا و لكنها عبارة عن وسيط في القيام ببعض العمليات المالية و عمليات البيوع فيقوم المتعامل بادخار الشفرة السرية من أرقام و طباعتها على الكمبيوتر و من ثم يستطيع تحويل الأموال بالطريقة التي يأمر بها الجهاز.

    وهذه وسيلة تتيح لغاسلي الأموال نقل و تحويل كميات ضخمة من الأموال بسرعة وأمان، فهذه البنوك تعمل في محيط السرية الشاملة إذ لا يقوم المتعاملون فيها معلومي الهوية؛

خامسا: الكارت الذكي:                                   

و هناك أسلوب تكنولوجي حديث يعرف باسم الكارت الذكي، و هي تكنولوجية نشأت في إنجلترا وامتد العمل بها في العالم و يقوم هذا الكارت بصرف النقود التي كان قد سبق تحميلها من العميل مباشرة إلى القرص المغناطيسي عن طريق ماكينة تحويل آلية

و يزيد الأمر خطورة أن للكارت الذكي خاصية الاحتفاظ بملايين الدولارات مخزنة على القرص الخاص به ثم يمكن بسهولة نقل الرسائل الإلكترونية السريعة وذلك بهدف تجنب أي ملاحقة .


أموال يمن؛موقع إلكتروني إقتصادي...الرأى المنشور يعبر عن صاحبه،ورسالتنا خدمةالجمهور بمصداقية؛ورفع مستوى الوعي الاقتصادي، فيما غاياتنا إبتكار قوالب صحفيةجديدة...لصحافةإقتصاديةمشوقة...ذات محتوى يواكب متطلبات العصر...ينير الدرب...كمصدر للمعلومات.