تحليل مالي

تبعات خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن

أموال يمن/التصعيد الاقتصادي الذي شهدته الساحة الوطنية،خلال الأشهر الماضية،كانت في مجملها تنال من المواطن بدرجة رئيسة ومن المؤسسات المالية والمصرفية بدرجة ثانية،بإعتبارها الحاضن لما تبقى من بيوت رأسمال اليمني،فالتصعيد كان حاملاً في ثناياه توجهات لحسم الأمر بأية وسيلة كانت،لاسيما في ظل صراع دولي وإقليمي،اضافة إلى الاستثمار للسجالات بين القوى الكبرى والمتمثلة في الحروب التى تشهدها دول ذات بعد إقليمي وسياسي فضلاً عن توفير أدوات تحافظ على الجيبولتك،وكسر هيمنة القطب الواحد الذي نتج عنه خلال الحقبة الماضية نزاعات وحروب وزعزعة أوطان،وبعد أشهر من تصاعد الصراع المالي والاقتصادي بينهما، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الثلاثاء، توصل طرفي النزاع إلى اتفاق لوقف التصعيد الاقتصادي بين الجانبين.

وأفاد مكتب غروندبرغ في بيان أن الطرفان “اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية”.

وأضاف البيان أن “المبعوث الأممي تسلم من الطرفين نصاً يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلاً عن أية قرارات أو إجراءات مماثلة”.

وتضمن الاتفاق “استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عددها إلى 3 يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة”.

كما نص على أن “تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة جميع القضايا الاقتصادية والإنسانية بناءً على خارطة الطريق”.

وتعليقاً على البيان، رحبت الحكومةفي صنعاء وعدن بإعلان المبعوث الأممي، وذلك في بيانين منفصلين للجانبين.

وبعد ساعات من الاتفاق، “أعلن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي تقديم استقالته إلى مجلس القيادة الرئاسي”، في إشارة على ما يبدو إلى رفض ضمني للتراجع عن القرارات الأخيرة للبنك.

لكن مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم رئيساً و7 أعضاء، أعلن بالإجماع رفض استقالة محافظ البنك المركزي، مفيداً بأن المعبقي باق في منصبه.

الريال اليمني يواصل الهبوط ويصل أدنى مستوى في تاريخه
يتوقع أن يشكل موضوع توحيد العملة وكسر الفارق في أسعار العملات باليمن أحد ملفات المشاورات بين الحكومتين.

خلفيات الاتفاق
تم الاتفاق على خلفية إعلان البنك المركزي في العاشر من يوليو /تموز الجاري، وقف تراخيص 6 من أكبر بنوك اليمن تقع مراكزها الرئيسية في العاصمة صنعاء.

وكان البنك المركزي بعدن وجه في 30 مايو/أيار الماضي بوقف التعامل مع هذه البنوك لعدم نقل مقراتها من صنعاء واستمرار تعاملها ، وردت الأخيرة بحظر التعامل مع 13 بنكاً في مناطق حكومةعدن.

وقبل ذلك كانت صنعاء أعلنت للمرة الأولى في أبريل /نيسان الماضي، صك عملة معدنية فئة 100 ريال (تعادل قرابة 20 سنتاً).

وأوضحت حكومة صنعاء حينها أن “طرح الفئة الجديدة من العملة لا يؤثر على أسعار الصرف،والإصدار خصص لاستبدال العملات التالفة ولن يكون هناك إضافة لأية كتلة نقدية معروضة”.
ومقابل الفئات النقدية التى طبعت خلال سنوات الحرب فحكومة عدن قامت بطباعة كميات كبيرةلعدة فئات،كانت لها في إحداث الفارق بسعر الصرف كنوع من السياسة تتفق مع أدوات الحرب وهي بحد ذاتها شكلت عجزاً وساهمت بإتساع خارطة الأزمة،وسببت للمواطن فارقاً في تاريخه من خلال تباين سعر الصرف بين الطرفين وتدهور قيمة العملة الوطنية،والذي ارتفع منذ بدء العدوان الذي كان ومايزال السبب الرئيسي في كل ما تعرض له الوطن.

ورداً على ذلك، اعتبر البنك المركزي اليمني إصدار صنعاء عملة معدنية “تصعيداً خطيراً وغير قانوني لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين”.

وإضافة إلى صراع البنوك، برز مؤخراً خلاف مالي بين الطرفين بشأن العوائد المالية للخطوط الجوية اليمنية، وسط اتهامات من الجانبين باستغلال أرباح الشركة.

تبعات خفض التصعيد
بعد أن تم الإعلان عن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي، تحولت القضية إلى رأي عام في اليمن، وسط تباين في مسألة تقييم تبعات ذلك.

ورأى المحلل المالي محمد خالد أن “تراجع البنك المركزي عن قراراته -امتثالاً لاتفاق خفض التصعيد- سيؤدي إلى إضعاف وضعه في القطاع المصرفي وقطاع الصرافة لصالح البنك المركزي في صنعاء “.

وأضاف في حديث للأناضول: “بعد هذا التراجع لن تستجيب البنوك ومنشآت الصرافة للبنك المركزي في عدن، ولن تتم موافاته بالبيانات مستقبلا، وعليه لن يتمكن من ممارسة وظيفة الرقابة على البنوك”.

وتوقع المحلل المالي أن يؤدي ذلك “إلى تغول بنك صنعاء على القطاع المصرفي، والتحكم الكامل به”، وقال “سيتيح انكسار البنك المركزي اليمني اتخاذ إجراءات إضافية في هذا القطاع، وكذا طباعة عملات ورقية”.

وأضاف: “سيؤدي ذلك إلى فقدان البنك المركزي لثقة المؤسسات الدولية، ومنها خدمة سويفت، حيث سبق أن أبلغها بسحب تراخيص البنوك الموجودة في صنعاء، ثم طلب تأجيل القرار لمدة أسبوعين وبعدها إلغاء القرار”.

وفيما يتصل بموقف صنعاء بعد إعلان وقف التصعيد يقول خالد: “لن يتراجع البنك في صنعاء عن أي خطوات قام بها في القطاع المصرفي، ومنها طباعة فئة 100 ريال التي تسببت في التصعيد”.

واعتبر أن الاتفاق “حد من قدرة البنك المركزي في عدن من اتخاذ أية إجراءات مماثلة مستقبلا”.

مشاورات مرتقبة
بعد إعلان خفض التصعيد، من المتوقع عقد مشاورات بين صنعاء وعدن، حيث أفاد بيان المبعوث الأممي الصادر الثلاثاء بأنه “سيتم عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق”.

وتعقيبا على ذلك، طالب غروندبرغ “بضرورة تعاون الطرفين من أجل التوصل إلى اقتصاد يخدم جميع اليمنيين، ويدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة”.

وبشأن المشاورات المتوقعة، يرجح الباحث الاقتصادي محمد الجماعي “أن يتم التفاهم بين الحكومتين على عدد من الضوابط في المجال الاقتصادي والإنساني، وفقا لما سميت بخارطة الطريق”.

ويقول الجماعي لوكالة الأناضول “برضوخها لهذا الاتفاق، تم الإطاحة بأهم أسلحة الحكومة في المجال الاقتصادي، دون حديث عن أي مقابل لموافقتها على هذا الاتفاق المفاجئ”.

ويضيف: “تبدو الحكومة كمن قام بكسر حصار مفروض عليه منذ نحو 3 أعوام، حرمت فيه من مواردها النفطية والغازية، كما أنها أثبتت استقلالية قرارها بدليل تداعي الأطراف الخارجية كلها لإلغاء قرارات البنك المركزي أو تأجيلها”.

ويتابع أن “من أهم الأوراق المتوقع نقاشها في المشاورات المقبلة، توحيد العملة وكسر الفارق في أسعار العملات في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومتين.

وتوقف تصدير النفط في أكتوبر/تشرين الأول 2022، جراء هجمات شنتها قوات صنعاء على موانئ نفطية في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة عدن.

وتتمسك حكومة صنعاء برفض السماح بإستئناف تصدير النفط، وتشترط الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في جميع مناطق اليمن من عائدات النفط.

LEAVE A RESPONSE

Your email address will not be published. Required fields are marked *

أموال يمن؛موقع إلكتروني إقتصادي...الرأى المنشور يعبر عن صاحبه،ورسالتنا خدمةالجمهور بمصداقية؛ورفع مستوى الوعي الاقتصادي، فيما غاياتنا إبتكار قوالب صحفيةجديدة...لصحافةإقتصاديةمشوقة...ذات محتوى يواكب متطلبات العصر...ينير الدرب...كمصدر للمعلومات.