أموال يمن

متخصص بعالم المال والأعمال

دراسات

التمويل الإسلامي يعزز مسيرة تطوير القطاع الزراعي في الدول العربية

يتميز الاقتصاد الإسلامي بالشمولية والتنوع وملاءمته لكل زمان ومكان وكل مجال من مجالات الحياة، ويوفر هذا النوع من التمويل مجموعة كبيرة من الأدوات الفعالة التي تناسب كافة القطاعات الاقتصادية.
ويعد القطاع الزراعي من بين القطاعات المهمة التي تتوفر لها صيغ وأدوات عديدة من صيغ التمويل الإسلامي، وقد لعبت البنوك الإسلامیة دوراً مهماً في مسيرة تمویل وتطویر القطاع الزراعي في العدید من الدول العربیة، وفق عقود أو صیغ تمویلیة متوافقة مع الشریعة الإسلامیة.
ووفقاً لدراسة حديثة أصدرها معهد التدريب وبناء القدرات، التابع لصندوق النقد العربي، ومقره أبوظبي، فإن التمویل الإسلامي یمكن أن یأخذ شكلین بالنظر إلى نوع التمویل الممنوح، فقد یكون تمویلاً نقدیاً كما هو الحال في عقود القرض، والتورق، والسلم، والاستصناع، والمضاربة، وقد یكون تمویلاً حقیقیاً كما هو الحال في عقود المرابحة، ویمكن أن یكون مزیجاً بینهما كما في عقود المشاركات التي یمكن أن یكون رأس المال فیها مزیجاً من النقود والأصول العینیة.
وأشارت الدراسة التي تناولت «دور التمويل الإسلامي في تعزيز نمو القطاع الزراعي في الدول العربية» إلى أهمیة القطاع الزراعي كأحد أهم الأذرع الأساسیة المحركة لعجلة الاقتصاد والتنمیة، خصوصاً في الدول التي یعمل عدد كبیر من مواطنیها في الأنشطة المتعلقة بالزراعة، كما تشكل مساهمة الزراعة في اقتصاداتها جزءاً لا یمكن تجاهله، بينما یلعب التمویل دوراً محوریاً في إنجاح الموسم الزراعي ومن ثم الإنتاج بشكل عام.
وأكدت الدراسة أهمية إصدار تشریعات وقوانین خاصة بالتمویل الإسلامي، وإنشاء مؤسسات مالیة متوافقة مع الشریعة في الدول العربية للاستفادة من الصيغ المتنوعة للتمویل الإسلامي لصالح القطاع الزراعي، مشيرة إلى أن عقود التمویل الإسلامي توفر مجموعة متنوعة من العقود والآلیات التمویلیة التي یُتوقع أن یؤدي وضعها حیز التطبیق إلى الإسهام في حل جزء من تحدیات نقص التمویل للقطاع الزراعي بالدول العربية، خاصة وأن بعض عقود التمویل الإسلامي وُجدت خصيصاً لتمويل القطاع الزراعي، من ذلك: عقد السلم، عقد المُزارعة، وعقد المُساقاة، حیث تستهدف هذه العقود تمویل دورة الإنتاج الزراعي بشكل مباشر، في حین یمكن تطبیق صیغ تمویل أخرى كالمرابحة والإجارة والتورق في تمویل رأس المال العامل المستخدم في القطاع الزراعي، إضافة إلى توفر التمویل المتوافق مع الشریعة الإسلامية.

صیغ‭ ‬التمویل‭ ‬الإسلامي
واستعرضت الدراسة أهم صیغ التمویل الإسلامي، وكیف یمكن هیكلتها لتمویل الزراعة بشكل عملي، من خلال عقود التمویل الإسلامي مثل السلم والمرابحة والاستصناع، وعقود المشاركة والمضاربة، والمزارعة، والمساقاة، والمغارسة.
وأوضحت أن أسس التمویل الإسلامي عموماً تقوم على منع كل ما یؤدي إلى وقوع الظلم أو الغبن أو النزاع على أي من أطراف المعاملة، فهي تضمن العدل والتكافؤ بین أطراف العقود، مما یؤدي إلى التوازن والاستقرار على المستوى الكلي.
وأشارت الدراسة إلى كل من عقود المعاوضات وعقود التبرعات، وأن لكل منها وظیفة تمویلیة، لكنهما یختلفان من حیث الآثار المترتبة عن كل منهما، ففي عقود المعاوضة یحصل كل طرف من أطراف العقد (المعاملة) على عِوض أو مقابل، ومن أمثلة عقود المعاوضات عقد البیع، أما عقود التبرعات التي غایتها الإحسان للناس وتحسین مستوى معیشتهم ورفاهتهم، فتكون من دون مقابل، ومنها الوقف، والصدقة، والكفالة، والقرض الحسن.

العقود‭ ‬الإسلامية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحدیات‭ ‬نقص‭ ‬التمویل‭ ‬للقطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬العربي‭ ‬
ووفقاً للدراسة یعتبر عقد السَّلم أحد عقود البیع الآجل، ویغلب استخدامها في التمویل المتعلق بالأنشطة الزراعیة المختلفة، ویُعرف السلَم بأنه بیع آجل بعاجل، حیث یُقبض الثمن أو رأس مال السلم عاجلاً قبل استلام المبیع المعلوم في الذمة، ویستخدم المزارع رأس المال المقبوض سلفاً لتغطیة تكالیف العملیات الزراعیة من تحضیر الأرض وشراء البذور والأسمدة ومستلزمات الحصاد وغیرها، مما یسهم في التیسیر على الناس، وكأي عقد من العقود لابد أن یتوفر في عقد السلم العناصر الرئیسة المتمثلة في البائع والمشتري، أي المسلِم والمسلَة إليه.

بديل‭ ‬إسلامي
وتشير الدراسة إلى أن المزارعين قد يلجأون إلى الحصول على التمویل المطلوب من البنوك الزراعیة، وفي هذه الحالة یكون المزارع هو البائع والبنك هو المشتري، والعنصر الثاني هو المبیع أو المعقود علیه، فلابد من وجود بضاعة أو سلعة مؤجلة التسلیم للمشتري، فعلى سبیل المثال قد تكون السلعة الزراعیة قمحاً یسلم إلى جهة مانحة للتمویل (الذي هو في هذه الحالة البنك) عند الحصاد، والعنصر الثالث هو رأسمال السلم (كمیة وسعر السلعة محل العقد)، ولابد من الاتفاق على قیمة نقدیة للسلعة المؤجل حصول المشترى علیها إلى وقت لاحق لتاریخ توقیع العقد، أما العنصر الرابع فهو الایجاب والقبول أو العقد الذي یوقع بین المزارع والبنك بما یتوافق مع الشریعة الإسلامیة.
وتؤكد الدراسة إلى أن عقد السلم هو أحد أشهر أدوات التمویل الإسلامي، التي یمكن الاعتداد بها كبدیل لأدوات التمویل التقلیدیة أو الربویة وربما أكثرها تطبیقاً، مع الأخذ في الاعتبار وجود اختلافات بین طریقتي التمویل، وعلى عكس القروض التقلیدیة، تأخذ عقود السلم صبغة تجاریة، باعتبار أن المزارع یقوم بتبادل بضاعة معینة (مؤجلة) مع البنك الذي یسلم قیمة البضاعة (معجلة) للمزارع.
وتوضح الدراسة أن المصلحة للمُزارع تقع بحصوله على التمویل المطلوب وتتحقق للبنك الأرباح من خلال الفرق بین قیمة البضاعة المؤجلة عند استلامها والمبالغ المدفوعة سلفاً، حيث تخفف عقود السلم الكثیر من التكالیف عن المزارعین بالأخص والمتعلقة بعملیات ما بعد الحصاد، مثل التخزین والنقل والتسویق.
وتشير إلى أنه في كثیر من الأحیان تحاول البنوك بقدر الإمكان التقلیل من المخاطر والتكلفة لضمان أرباح أعلى، لذلك استحدثت الكثیر من البنوك الإسلامیة ما یعرف بعقود السلم الموازیة، فتقوم فكرة عقد السلم الموازي على أن البنك یبحث عن مشتري لسلعة بنفس مواصفات السلعة في عقد السلم الأول، ویكون العقد بین البنك وطرف ثالث منفصل عن العقد الأول، فعلى سبيل المثال إذا دخل أحد البنوك في عقد سلم مع أحد المزارعین وكان المبیع قطناً؛ يمكن للبنك إنشاء عقد جديد مع جهة أخرى (مصنع للغزل مثلاً) یبیع له القطن بنفس مواصفات العقد الأول، مع الإشارة إلى أن العقدین غیر مرتبطین ببعضهما البعض، أو دون تعلق عقد السلم الموازي بنفاذ عقد السلم.

المرابحة
ووفقاً للدراسة فإن المُرابحة تعد أحد العقود المستخدمة من قبل البنوك الإسلامیة لتمویل الأنشطة الإنتاجیة المختلفة في القطاع الزراعي، حيث تعمل البنوك عادة على توفیر مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذور وأسمدة أو مدخلات الإنتاج المختلفة وبیعها للمزارعین عن طریق عقود المرابحة.
وتوضح أن مفهوم المرابحة يعتمد على البیع بالسعر الأول مع إضافة ربح محدد، والمرابحة كعقد بیع یكون بین طرفین أحدهما المالك للسلعة والآخر المشتري، ویشترط في العقد معرفة الطرفین للسلعة محل العقد وأن یكون سعرها الأول ومقدار هامش الربح معلوماً، بالإضافة إلى الاتفاق على تفاصیل استلام السلعة محل العقد وتفاصیل السداد، موضحة أن هناك نوعین من المرابحة؛ المرابحة العادیة التي تكون بین البائع والمشتري مباشرة وتقوم على أن یشتري الطرف الأول سلعة ثم یعرضها للبیع مرابحة، أما المرابحة للآمر بالشراء فتكون عادة بین طرفین (البائع والمشتري) والوسیط بینهما وهو البنك الذي یقوم بالشراء طبقاً لطلب المشتري ووعده بشراء المنتج حال شراء البنك له من البائع.

التمویل‭ ‬الإسلامي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬یؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الظلم‭ ‬أو‭ ‬الغبن‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أطراف‭ ‬المعاملة‭ ‬
كما أن صيغة الاستصناع أيضاً من عقود التمویل الإسلامي المهمة للمساعدة في تمویل إنشاء المزارع الجدیدة أو تصنیع البیوت المحمیة، وتركیب أنظمة الري الحدیثة، وشق القنوات أو إنشاء طرق لتوصیل المزارع بالمدن والطرق الرئیسة وغیرها من الأنشطة التي تحتاج إلى تدخلات صناعیة.
وتشير إلى أن الاستصناع هو طلب الصنعة، وفي التمویل هو عقد یكون بین طرفین یطلب الأول (المُستصنع أو المشتري) من الثاني (الصانع أو البائع) القیام بصنع سلعة (المصنوع) محددة وتحمله لتكالیف الانتاج على أن یتسلم المُستصنع السلعة محل التصنیع في وقت معین (لاحق لتاریخ العقد)، وبسعر یُتفق علیه یُدفع عاجلاً أو آجلاً، وفي التطبیق المصرفي يمكن للبنك أن يدخل في عقود الاستصناع إما صانعا ً أو مستصنعاً من خلال هیكلة تسمى الاستصناع مع الاستصناع الموازي، وتشیر هذه الهیكلة إلى عقدین، الأول یدخل فیه البنك الإسلامي كصانع مع الشخص الراغب في شراء السلعة أو المُستصنع، ویجوز تأجیل سداد قیمة السلعة محل التعاقد، أما العقد الثاني فیدخل البنك فیه كُمْستَصنع مع جهة تكون من أهل الاختصاص لصُنع السلعة المحددة في العقد الأول، وغالباً ما یكون المبلغ مُعجلاً وأقل من مبلغ العقد الأول.

التمویل‭ ‬الزراعي‭ ‬بالمشاركة
وفيما يتعلق بالتمویل الزراعي القائم على أساس المشاركة توضح الدراسة أن عقود المشاركة تعد إحدى الطرق المستخدمة من قبل البنوك الإسلامیة لتمویل القطاع الزراعي، حیث یدخل البنك في مشاركة مع المزارعین مُلّاك الأراضي بنسبة من رأس مال المشروع الذي یتضمن قیمة الأرض، وتحدد بالعقد مدة المشروع، مشيرة إلى أن مفهوم المشاركة یدل على وجود شراكة بین طرفین أو أكثر، وهي تتم بإطار عقد بین طرفین أو أكثر بغرض الاستثمار المشترك، وتكون المشاركة في رأس مال المشروع المراد الاستثمار فیه، ویكون الاشتراك في الربح أو الخسارة حسب نسبة المشاركة في رأس المال، التي لیس بالضرورة أن تكون متساویة، بل غالباً ما تكون حسب ما هو متفق علیه ضمن بنود العقد.
وتؤكد أن «المُضاربة» تعتبر من العقود التي توفر الحلول الجیدة لمن لا یمتلكون الأراضي الزراعیة من المزارعین، حيث یقوم البنك مثلاً بتوفير التمويل اللازم، وتعد المضاربة مفهوماً تمویلياً متوافقاً مع الشریعة مأخوذاً من الضرب في الأرض للسعي والتجارة بغرض الربح، وتتمثل عقود المضاربة في شراكة بین طرفین أو أكثر، حیث یقدم أحد الأطراف مالاً (رب العمل) والآخر عملاً أو خدمة (مضارب)، على أن یكون الربح حسب النسبة المتفق علیها في عقد المضاربة، أما في حالة حدوث خسائر مالیة فیتحملها صاحب المال، على أن یخسر المُضارب الوقت والجهد، ویشترط في رأسمال المضاربة أن یكون مالاً وليس ديناً (قرضاً) یسلم للمضارب، وقد تكون المُضاربة مطلقة، حیث لا یشترط رب المال على المُضارب نوع النشاط الذي یجب الدخول فیه، وقد تكون المضاربة مقیدة، فیشترط رب المال على المُضارب المجال أو نوع الأنشطة التي یمكن الانخراط فیها.

عقود‭ ‬المُزارعة
ووفقاً للدراسة فإن «المُزارعة» هي أحد عقود التمویل المتوافقة مع الشریعة الإسلامیة، والمستخدمة في تمویل القطاع الزراعي، وتم استخدامها من قبل الصحابة والتابعین، وتعتبر «المُزارعة» نوعاً من أنواع المشاركة، وتكون بین طرفین أحدهما یمتلك الأرض والآخر یقوم بالمجهود أو النشاط الزراعي، وذلك نسبةً لعدم امتلاك البنوك الإسلامیة لأراضي زراعیة للدخول في عقود مزارعة مع أفراد، فمن الممكن أن یدخل البنك كطرف ثالث ممول لعقد مزارعة بین مالك الأرض (الطرف الأول) والمزارع (الطرف الثاني) ویتفق الأطراف الثلاثة على نسبة الأرباح بینهم، ويعد هذا العقد بهذه الكیفیة هو أقرب ما یكون لعقود المشاركة المرتبطة بالأنشطة الاستثماریة في القطاع الزراعي.

المُزارعة‭ ‬ھي‭ ‬أحد‭ ‬عقود‭ ‬التمویل‭ ‬المتوافقة‭ ‬مع‭ ‬الشریعة‭ ‬الإسلامیة‭ ‬والتي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬القطاع‭ ‬
وتوضح أن «المُساقاة» تعد كذلك أحد عقود المشاركة لتمویل الأنشطة الزراعیة التي تكون بین صاحب الشجر أو البستان والمُزارع العامل، ویحدد في العقد الوقت ونوع العمل ومقدار الربح للطرفین، وتنبع أهمية عقد المساقاة من الحاجة لبذل الجهد والخبرة لرعایة البستان أو الأشجار ولیس التمویل بشكل مباشر، حيث يصعب وجود تطبیق عملي لهذه العقود التمویلیة على أرض الواقع، وعلى الرغم من ذلك فإنه یمكن أن يكون هذا العقد صیغة استثماریة للبنوك التي تمتلك بساتین أو أراض بها أشجار وهي لا تمتلك الخبرة أو الوقت اللازمین للعنایة بهما، حیث یمكنها الاستفادة من المزارعین أو من لدیهم الخبرة في المجال المعني والدخول معهم في عقود مساقاة على أن یوزع العائد بین الطرفین.

المُساقاة
وتشير إلى أنه یمكن أن یكون عقد المساقاة خیاراً مناسباً لمن يمتلك بساتين لكنه يفتقد للمال والمعرفة لتشغيلها فيمكنه الدخول في عقد مُساقاة مع البنك حیث یقوم بتقدیم الأرض إلى شركة مختصة یمتلكها أو یقوم باستئجارها لأداء خدمات الرعایة الزراعیة أو البستانیة وعلم صاحب الأرض أو البستان بذلك، وتقسم العوائد بین أطراف العقد، فمفهوم المساقاة في اللغة یشیر إلى توفیر الماء لمن یحتاجه، سواء أكان نباتاً أو إنساناً أو حیواناً، وإلى توفیر خدمات الري الزراعي بمقابل مادي محدد، حيث تكون عقود المساقاة بین طرفین أحدهما یمتلك بستاناً أو حقلاً والآخر یمتلك الخبرة في مجال الري أو الزراعة أو یمتلك مصدراً للماء كالآبار أو ماكینات الري من خلال الترع والمجاري المائیة، فیقوم الطرف الأول بتفویض الطرف الثاني بخدمة ورعایة البستان أو الأشجار ویكون الاتفاق على نسبة معینة من الإنتاج.
ووفقاً للدراسة فإن «المُغارسة» تعد أيضاً من صيغ التمویل الزراعي القائم على أساس المشاركة، فتكون عقود المُغارسة بین طرفین یدفع أحدهما (المالك) الأرض للآخر (العامل) بغرض غرسها، ویكون الناتج من شجر أو ثمار یعود للطرفین بنسبة یتفق علیها، وبالإضافة للإیجاب والقبول، یشترط في العقد تعریف الأرض المراد غرسها ونوع الأشجار التي یراد زراعتها ومدة العقد ونصیب طرفي العقد، ولابد من التركیز على أن المغروس یجب أن یكون من الأشجار أو النخیل ولیس من المحاصیل، كما یشترط ضمن عقد أن تنمو الأشجار بقدر معین یتفق علیه من قبل الطرفین.، ویمكن للبنوك القیام بشراء أراضي زراعیة أو الدخول في شراكة مع مزارعین بغرض الاستثمار من خلال عقود المُغارسة، أو أن یقوم البنك بإنشاء شركة تقوم بأعمال المُغارسة وإنشاء عقود مع عدد كبیر من المزارعین ثم تقاسم الأرباح، أو یمكن للبنوك الإسلامیة الدخول في عقود المُغارسة من خلال طرف ثالث كما يحدث في عقدي المُزارعة والمُساقاة.

الإجارة‭ ‬التشغیلیة
كما استعرضت الدراسة التمویل الزراعي القائم على أساس الإجارة الذي یشمل عقود الإجارة التشغیلیة، وعقود الإجارة التمویلیة، إضافة إلى عقود الجعالة التي درج الفقهاء على جعلها ضمن أبواب الإجارة، موضحة أنه یمكن استخدام عقود الإجارة لتمويل ا لقطاع الزراعي، ففي الإجارة التشغیلیة تقوم البنوك الإسلامیة بتأجیر المعدات والآلات الزراعیة لمن یطلب خدمتها في القطاعات الزراعیة، ثم تقوم الشركة الزراعیة بإرجاع الأصل بعد انتهاء مدة الإجارة، لیتولى البنك إجارتها لجهة أخرى ترغب فیها، فیستفید كلا الطرفین من الإجارة التشغیلیة، فبالنسبة للبنك یستفید من بقاء الأصول على ملكه والحصول على الأجر مقابل بیع منافعها، كما تستفید الجهات المستأجرة بتغطیة حاجیاتها الآنیة وتحقیق أغراضها في الأوقات المناسبة ودون تحمّل نفقات رأسمالیة كبیرة، ويشمل ذلك عدة تطبیقات لعقد الإجارة أهمها الإجارة التشغیلیة (العادیة) وفیها یكون لدى المؤسسة المالیة الأصل الذي ترید تأجیره، والإجارة التمویلیة (المنتهیة بالتملیك) وفیها تقوم المؤسسة المالیة باقتناء الأصل بناءً على طلب العمیل (المستأجر) باستئجارها، وهي في حقیقتها بیع مستتر بإجارة، لهذا تسمى بیع الإیجار أو البیع التأجیري.

عقود‭ ‬‮«‬الجعالة‮»‬
وتؤكد الدراسة كذلك أهمية عقود «الجعالة» ضمن صيغ تمويل القطاع الزراعي ويتم تطبیقها في الأنشطة الزراعیة التي لا یمكن فیها تحدید العمل وتغتفر فیها الجهالة، منها على سبیل المثال حفر الآبار واستخراج المیاه، وفي هذه الحالة یكون استحقاق الجُعل (المكافأة) مشروطاً بالوصول إلى الماء، دون النظر إلى مقدار العمل أو زمنه، كما یمكن تطبیقه في تحقیق الاختراعات أو الاكتشافات في المجال الزراعي أو إیجاد حلول لبعض أنواع الأمراض التي تصیب الثروة الحیوانیة أو الأشجار، فتعني الجعالة أن یجعل الرجل للرجل أجراً معلوماً على أن یعمل له في زمن معلوم أو مجهول مما فیه منفعة للجاعل على أنه إن أكمله كان له الجعل وإن لم یتمه فلا شيء له مما لا منفعة للجاعل إلا بعد تمامه، وأكثرالفقهاء یبحثونها في كتبهم مع الإجارة لشدة الترابط بینهما، حیث كل منهما عقد على عمل مباح مقابل عوض.

وتشير الدراسة إلى أنه بالإضافة إلى التمویلات المتوافقة مع الشریعة والقائمة على أساس البیوع أو أساس المشاركات، یمكن استخدام مجموعة من عقود التمویل الإسلامي الأخرى لتمویل القطاع الزراعي منها «القرض» بمعنى دفع مال لمن ینتفع به ثم یرد بدله، أو دفع مال إرفاقاً لمن ینتفع به ویرد بدله، وعلى مستوى المؤسسي يُعرف بأنه إتاحة المصرف أو المؤسسة المالیة مبلغاً محدداً لفرد أو مجموعة من الأفراد، أو لأحد عملائه حیث یضمن سداد القرض الحسن، دون تحمیل هذا الفرد أو العمیل أیة أعباء، أو عمولات، أو مطالبته بفوائد وعائد استثمار هذا المبلغ، أو مطالبته بأي زیادة من أي نوع، بل یكفي استرداد أصل القرض، كما أن «الوقف» وما يُعرف بـ»إحیاء الأرض الموات» من العقود الأخرى المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي یمكن استخدامها لتمویل القطاع الزراعي.
*إعداد‭ – ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح

LEAVE A RESPONSE

Your email address will not be published. Required fields are marked *

أموال يمن؛موقع إلكتروني إقتصادي...الرأى المنشور يعبر عن صاحبه،ورسالتنا خدمةالجمهور بمصداقية؛ورفع مستوى الوعي الاقتصادي، فيما غاياتنا إبتكار قوالب صحفيةجديدة...لصحافةإقتصاديةمشوقة...ذات محتوى يواكب متطلبات العصر...ينير الدرب...كمصدر للمعلومات.